"رأيك صواب ولكن لن نعمل به"

Publié le par ErrachidiaNews

 

 "رأيك صواب ولكن لن نعمل به"

هذه القولة الجاهزة هي الخلفية الحاكمة لمواقف عدد من الناس في حياتهم العادية والشخصية ،كما في أدائهم داخل المؤسسات؛كالجمعيات والوداديات و النقابات و الأحزاب والمجالس الجماعية والبرلمانات والحكومات...وهذه العبارة التي ما فتئ المغاربة يرددونها باللسان الدارج قائلين "رايك زين أو مانديروهش"مع مد طويل على ياء"زين وألف"ما"في إشارة إلى الاقتناع بصواب رأي ما، وسبق الإصرار على مخالفته وعدم العمل به وتطبيقه،جعلت الكثير من المصالح تضيع وتهدر وفسحت المجال  لعدد من مشاريع  الفساد  لتنبت أشواكها المؤذية وتزكم الأنوف برائحتها المنتنة المثيرة للغثيان؛ فكانت النتيجة حرمان المواطنين في أكثر من موقع مما به تكون تنمية واقعهم وتأهيل وضعهم وتحسين حالهم.

ففي الريصاني على سبيل المثال لا الحصر نجد العقلية المتكلسة المرهونة بتلك المقولة- المدمرة تعرقل مشاريع تنموية حقيقية كان من المفروض في من له غيرة على بلده  وأرضه أن يصفق لها ويدعمها  وإن صدرت من أعتا خصم سياسي. ولكن مع الأسف الشديد كانت سلطة "الكلمة المدمرة" والفكر المعوج سيدة الموقف على حساب" الكلمة البانية"بجناحيها :

المصلحة العامة فوق كل اعتبار.    

وأينما تكون المصلحة فثم شرع الله.

           وهكذا وجدنا أسرى الفكر الأعوج المحكوم بالحسابات السياسوية والمصالح الذاتية الضيقة،وعدم القدرة على اتخاذ المواقف دون اعتبار  للمواقع،وجدناهم ومن على شاكلتهم قد دخلوا جحر الاعتراض على مشروع التطهيرالسائل و بذلوا جهدهم في عرقلته بدعاوى واهية . و لنقل تجاوزا بوجود مفاسد، فإن العاقل لا يأبه بها أمام ملحاحية المشروع و ما له من نفع عام . وألفيناهم كذلك يعترضون جملة و تفصيلا  على المحاولات الرامية لإصلاح السوق(1)،و تجد فئة أخرى منهم تقف ضد فتح فرع جمعية جادة قرب سكناهم تحت ذريعة الضجيج  و المس  بالسكينة و الوقار(2)  ،والأدهى والأمر أن تجد من القوم من يرفض التوقيع على عريضة تندد بالدعارة وأخطارها لأن  المبادرة جاءت من حزب معين ،وآخرين لا يستطيعون الاعتراض على نذرة الدقيق المدعم ورداءته وغلائه بسبب المضاربة من قبل رؤوس الفساد،بل ولما دعوا إلى الا نخراط في تحركات جريئة لوقف النزيف افرنقعوا ولم يستجيبوا.

هذا غيظ من فيض وما كان غرضنا من السرد إلا العبرة والاستدلال على ما ذهبنا إليه بأمثلة واقعية صريحة وفاضحة.

إذن الآفة متحكمة في السلوك الفردي والسياسي لعدد من الناس فما السبيل للخروج من هذا المأزق؟

أولا: يجب الاقتناع أن تغيير الأفكار عملية صعبة وطويلة المدى وتحتاج إلى تعاون وتكامل بين أطراف مختلفة .

ثانيا: لابد من الأمور التالية :

العمل على جعل الناس كل الناس واعين بخطورة الارتهان لمقولات مدمرة كهذه-وما أكثرها-

امتلاك الإرادة القوية لتجاوز الآفة بعد الوعي بها من قبل كل المعنيين وفي أسوء الأحوال من غالبيتهم.

الإيمان بالحاجة الماسة للاعتراض- المعارضة- في حركية المجتمعات وتطورها وتنميتها ،مع ضرورة التمييز بين الاعتراض المحمود والمذموم.

تظافر جهود الهيئات السياسية والجمعيات المدنية والمؤسسات التعليمية والإعلامية والسلطات من أ جل بناء المواطن الذي يمارس المعارضة البانية الواعية المنكرة للذات في سبيل المصلحة العامة. فهذا التغيير للثقافة  المحددة للسلوك وإن كان شاقا ومداه بعيد فهو فعال وناجع و مسهم في تحريك عجلة التنمية المستدامة.

إلزام المعترض بالإدلاء بالتفسير العلمي والموضوعي كتابيا لموقفه ناهيك عن تقديم بديل مقنع عن المشروع موضوع الاعتراض أو بعض بنوده.بمعنى تجاوز الميكانيكية في المولاة والمخالفة والرفض و القبول.

وكخلاصة أقول:إذا كسبنا هذا الرهان فسنكون قد قمنا بعملية تكييف وملاءمة لسلوكنا جميعا مع الإسلام  الذي هو مرجعية  كل المغاربة طبقا لدستور المملكة إذ "ليس في مبادئ الإسلام وأخلاقه ما يسمح بمعارضة مطلقة أو موافقة مطلقة." (3) وعلى هذا الأساس فالمغاربة مدعوون إلى تبني مفهوم الاعتراض المحمود المؤسس المومأ إليه ،ويسرعوا من مختلف المواقع والمناطق إلى دفع عجلة الإصلاح والمصلحين من جهة ،وفرملة طاحونة الفساد  والمفسدين وتقليص دائرته من جهة ثانية.وأملي أن يجد كلامي هذا من يقول فيه:"رأيك صواب ...سنعمل به"أو"رأيك صواب لنتعاون على العمل به"أو "رأيك فيه ...وفيه..."أو رأيك خطأ وهذا مقترح بديل..."، وأملي فقط أن نكف على ترديد:"رأيك صواب ولن نعمل به""رايك زين أو ماندروهش به".


عبد العزيز المداني الريصاني 29-12-2005

Publié dans رأي

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article