الحبيب الشوباني يكتب عن عزل عمدة مكناس: القرار/الفضيحة

Publié le par ErrachidiaNews

     

 

ذ,الحبيب الشوباني
ذ,الحبيب الشوباني
بتاريخ 29 يناير 2009 أصدر وزير الداخلية قراره القاضي بـ"عزل" الرئيس أبو بكر بلكورة رئيس المجلس الجماعي لمدينة مكناس

 

إن توقيت القرار وصيغة إخراجه، بحشره ضمن "سَانْدْوِيتْشْ" ملف الهراويين ووالماس، لا يحتاجان إلى ذكاء كبير لإدراك أن الأمر يتعلق بشطط صارخ في استعمال السلطة، وأن القرار سياسي بامتياز، وأن أهدافه وغاياته مشبوهة ولا يمكن إلصاقها زوراً وبهتاناً بالحرص على "الحكامة" المحلية و"تخليق" المرفق العام وبقية الأسطوانة الركيكة التي قرر من يقف وراء هذا القرار الطائش أن تُعُْزفَ ألحانها السمجة والنشاز َفي مدينة مكناس، حيث راكم حزب العدالة والتنمية واحدة من أكثر تجاربه مثابرة ونجاحا ًفي تدبير الشأن المحلي رغم مسلسل الحصار والتضييق والعرقلة الذي لم يتوقف طيلة خمس سنوات ونصف تقريباً وشارك فيه للأسف الشديد كثير من المسؤولين في الإدارة الترابية محلياً ومركزياً.

إن حدث "عزل" الرئيس أبو بكر بلكورة يندرج بكل تأكيد في إطار مسلسل تراجع المصداقية والشفافية والثقة التي تعرفها الحياة السياسية الوطنية بسبب استمرار ممارسات إفساد مناخ المنافسة بين الأحزاب السياسية والتأثير المباشر أو غير المباشر للوبيات الإدارة الترابية في مسارات العمليات الانتخابية باسترجاع تاريخ ممارسات الصراع بين الداخلية والأحزاب.

فقرار "العزل" على بعد أربعة أشهر من تاريخ إدلاء الناخبين المكناسيين بأصواتهم ومحاسبة منتخبيهم والحكم على حصيلة عملهم يعتبر عملية استباقية لمصادرة حق هؤلاء الناخبين في ممارسة حقهم الدستوري خارج أي مناخ مكهرب ومصطنع، وبالتالي يعتبر توقيت قرار "العزل" ضرباً للديمقراطية المحلية وعدواناً مكشوفاً على حزب العدالة والتنمية ومنتخبيه وتحالفهم وتجربتهم وحصيلة عملهم وتشويشٌ مقصودٌ على علاقتهم بناخبيهم.

وقرار العزل أيضاً تهميش لمؤسسة المجلس الأعلى للحسابات، باعتبارها مؤسسة دستورية، حيث لم يعتمد تقريرها  الأخير لتبرير "العزل" بل تم اعتماد تقرير لجنة التفتيش التابعة للوزارة وهي جهة لا يمكن ادعاء استقلاليتها وحيادها وعدم خضوعها للتوجيه. ولذلك وقعت الوزارة بقرارها "عزل" السيد بلكورة في ورطة الانتقاء، حيث ظل رؤساء مدن كبيرة في "أمان" رغم أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات استعرض تفاصيل خطيرة لمخالفات منسوبة إليهم.

وقرار العزل أيضاً تهميش لسلطة القضاء التي كان يقتضي المقام وطبيعة الملف وحجم "المخالفة" جعل الكلمة الأولى والأخيرة لها لا لغيرها احتراماً لمقتضيات دولة الحق والقانون، خصوصاً أن كرونولوجيا التضييق تؤكد أن موظفي الإدارة الترابية، وخلال مدة الولاية، كانوا بدرجات متفاوتة طرفاً في التضييق على التجربة ولم يكونوا محايدين على الإطلاق.

إن الالتفاف على القضاء ومصادرة إرادة الناخبين يكشف مستوى الرداءة والهشاشة والصورية التي تعرفها تجربة اللامزكزية في بلادنا وتفضح حقيقة تغول "سلطة الوصاية" التي تملك أن "تعزل" رئيساً لمدينة في حجم مكناس الزيتون بسبب ما سمي "مخالفة" في حجم قبوٍ داخل مجمع سكني ضخم!!

إن قرار "عزل" الرئيس أبو بكر بلكورة يعتبر فضيحة سياسية "بِجَْلاَجِلْ" وستكون لا محالة حالة من "غرائب اللامركزية" والديمقراطية المحلية والحكامة التي يجدر بالدارسين والباحثين أن يجعلوها موضوعاً لرسائل الدكتوراه والندوات والبحوث للوقوف على حجم العجز المتراكم في مجال احترام إرادة الناخبين واحترام المؤسسات الدستورية والمؤسسات التمثيلية للمواطنين.

إنه باختصار.. القرار/الفضيحة!


المصدر: موقع حزب العدالة والتنمية

Publié dans سياسة

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article